يتبينَّ للباحث المهتمِّ بالتاريخ الإسلامي أنَّ الفترة التي عاشها نبيُّ الهدى محمَّد غيَّرَتِ الحياة الإنسانية بشكل فريد؛ فمنذ بَعثته تغيَّرَتِ النُّظُم الحياتية للبشرية في جميع أوجهها، الاجتماعية – بشكل شامل وعميق – والاقتصادية، والحربية، والسياسية على وجه العموم، ونظام الحكم على وجه الخصوص.
كان عصر البعثة النبوية نموذجياً، ذلك أنَّه كان يُسَيَّر بالوحي الإلهي، أُرسِيَت فيه القواعد الراسخة لهذا الدين الحقِّ، وأطاع كلُّ مَن دخل الإسلام الرسول فيما قال أو فعل بِناءً عن اعتقاد وإيمان، إنَّما قول النبي وفِعله كان عن وحي يوحَى إليه مِن الله عزَّ وجلَّ.
أنبأ الرسول الكريم المسلمين، وأمرهم بأن يتَّبعوا مَن يأتي بعده مِن خلفائه، وهو الذي سمَّاهم "الخلفاء الراشدين المهديِّين".
جاء هذ الكتاب لا ليخدم غرضاً سياسياً على الإطلاق، ولكن ليخدم غرضاً إنسانياً اجتماعياً بحتاً، ويهدف لخدمة الإنسان المسلم المعاصِر على صورة مجموعة متسلسلة مِن القصص نتعلَّم منها، بعضها مأساوي مُحزِن، وبعضها مشوِّقٌ مثير، تتعلَّق وتدور حول نقطة وحيدة في التاريخ الإسلامي، وهي "الخلافة الإسلامية"، كيف انتقلَت مِن عصر إلى عصر؟ وكيف تحوَّلَت مِن خلافة بِشورى وبيعة لمُلك عضوض يُوَرَّث توريثاً؟ وكيف انتهَت تماماً كنظام حكم لعموم المسلمين؟ وقد أصبح لزاماً عليهم أن يفكِّروا في نظام اجتماعي بديل منبثق مِن نظام الخلافة الراشدة، ليس بالضرورة أن يكون مطابقاً له، ولكن حتماً يكون متمشِّياً مع الكتاب الحكيم والسُّنَّة المطهَّرة، وأبعد ما يكون عن اتِّباع الهوى.